منطقة عسير الساحرة

تجربة فريدة من الألوان و الروائع الطبيعية

منطقة عسير الساحرة

في قلب جنوب المملكة العربية السعودية، تتوسّد جوهرةٌ طبيعيةٌ لامعة تُدعى بمنطقة عسير، وكأنها لوحة فنية ابتكرها الخالق بأجمل الألوان وأرقى التضاريس. هنا، تتلألأ الجبال بأمجادها، وتتناغم الوديان بعذوبتها، وتتعانق السهول برقةٍ لا مثيل لها. تلك المنطقة التي يسري في عروقها تاريخ عريق وثقافةً فريدة، تستحق بجدارة لقب "لؤلؤة الجنوب"، فهي ليست مجرد قطعةٍ من الأرض، بل هي ملتقى بين الجمال الطبيعي والإرث الثقافي، تتلألأ في سماء السعودية كواحدةٍ من أكثر المناطق جاذبية وروعة. دعونا نغوص معًا في أعماق هذا العالم الساحر، ونكتشف سرّ هذه الجوهرة الساطعة، لنسطّر معًا حكاية عسير، ونستعرض جمالها وثراها بعيون فضولية وروح استكشافية.

منطقة عسير

منطقة عسير تُعتبر إحدى المناطق الإدارية البارزة في المملكة العربية السعودية، وتتميز بتضاريسها

الوعرة والجبال الشاهقة التي تشتهر بها. تمتاز هذه المنطقة بوجود العديد من الشعاب والأودية، والمسالك الصعبة التي تضفي عليها جمالاً خاصاً. عرفت عسير عبر التاريخ بأنها كانت موطناً لعدة قبائل عربية، مثل أهل الحجاز، والأنباط، والأزد، وقد بلغ عدد سكانها حوالي مليوني نسمة.

تاريخ منطقة عسير

في العصور القديمة، لم يكن لمنطقة عسير مكانة بارزة بين المؤرخين والجغرافيين، على عكس مناطق مثل اليمن والحجاز واليمامة والبحرين، التي كانت تابعة للدولة الإسلامية وتحت سيطرتها الإدارية. لم تكن عسير معروفة بوصفها كوحدة جغرافية أو إدارية خلال تلك الفترات، ولكنها كانت تتمتع ببعض الاستقلالية الإدارية نتيجة ل تضاريسها الصعبة وصعوبة الوصول إليها، مما جعلها غير مطمع لحكام الإمارات المجاورة. كانت أي محاولة للسيطرة عليها تواجه صعوبات بسبب شدة أهلها وعنادهم، ورفضهم الخضوع للسلطات الأخرى.

بدأ ظهور اسم "عسير" كمصطلح سياسي وجغرافي في أواخر القرن الثاني عشر وبداية مع القرن الثالث عشر للهجرة، خاصة من خلال كتب الجغرافيا الغربية، ولكن كان تركيزهم على منطقة أبها و كذلك المناطق المحيطة بها من الجبال والتلال. وقد أضاف بعضهم مناطق أخرى تمتد شمالا إلى الليث وغامد وزهران وبيشة، وجنوبا إلى ظهران الجنوب ونجران وجازان. كان هذا التباين في التعريف ناتجًا عن الأحداث السياسية والعسكرية التي شهدتها المنطقة، حيث امتدت نفوذ السلطة الإمارية في أبها إلى مناطق أبعد، مما جعل التسمية مرتبطة بالسياق السياسي والتاريخي بدلاً من الجغرافي.

قبل العصر الحديث، كانت هذه المنطقة مهملة في أغلب كتب التراث الإسلامي، حيث عاشت في عزلة عن باقي العالم. ومع دخول العصر الحديث والمعاصر، بدأت المنطقة تجذب الاهتمام من الناحية العلمية والفكرية. فظهر عدد من المؤرخين خلال القرنين الماضيين بدأوا بكتابة تاريخها وإبراز أهميتها السياسية والحضارية.

موقع الجغرافي لمنطقة عسير

منطقة عسير تقع وسط الجزء الجنوبي الغربي من المملكة العربية السعودية، ممتدة بين خطوط العرض 17.20 شمالاً وخطوط الطول بين 41.30 و44.30 شرقاً. تمتد من حدود الشقيق والدرب وبيش في الجنوب الغربي إلى حدود نجران في الشرق، واليمن في الجنوب الشرقي، ومن حدود وادي الدواسر في الشمال إلى حدود القنفذة ورنية وساحل البحر الأحمر ومنطقة الباحة في الغرب. 

تبلغ مساحتها حوالي 400 ألف كيلومتر مربع، مما جعلها ممرًا هامًا للحجاج القادمين من اليمن، ومسارًا تجاريًا رئيسيًا بين اليمن والحجاز. تحيط بها خمس مناطق إدارية، وهي: مكة المكرمة، ونجران، والرياض، والباحة، وجازان. وتتكون المنطقة نفسها من عشرة أقسام إدارية، وهي: أبها، و محائل، وخميس مشيط، وأحد رفيدة، وتثليث، والنماص، وبيشة، وسراة عبيدة، وظهران الجنوب، وسبت العلايا. وتضم حوالي 400 قرية.

التضاريس في منطقة عسير

منطقة عسير تشكل واحدة من الوجهات السياحية البارزة في المملكة، بفضل تنوع تضاريسها وجمال طبيعتها الساحرة. تتميز هذه المنطقة بتنوع جغرافي يشمل الجبال الشاهقة، والأودية الخصبة، والسهول الشاسعة، مما يضفي عليها جاذبية فريدة. يعكس اسم "عسير" تضاريسها التحفّزة، حيث تعبر عن التحديات الطبيعية التي تقدمها. تحتضن المنطقة جبال السروات، التي تعد من أعلى القمم في المملكة، حيث يصل ارتفاعها إلى أكثر من 3000 متر فوق سطح البحر. تتخلل هذه الجبال أوديةً ساحرة مثل وادي تثليث ووادي بيشة، مما يمنح المنطقة موارد مائية وخصوبة تجعلها مركزًا للزراعة.

  • تشكل الهضاب نصف المساحة الإجمالية لمنطقة عسير، حيث ترتفع بين 1200 و1600 متر فوق سطح البحر، وتتمتع بمناظر طبيعية خلابة وتنوع نباتي يجذب السياح.

  • يمتد ساحل البحر الأحمر على طول 125 كيلومترًا غربًا، ويضم عددًا من الجزر الصغيرة، مثل جزيرة كدمبل، مما يوفر فرصًا للاستجمام والترفيه على الشواطئ الرملية.

  • تعتبر الصحاري جزءًا لا يتجزأ من تضاريس عسير، حيث تظهر الكثبان الرملية بوضوح في بعض المناطق ك محافظتي بيشة وتثليث.

  • وتضم المنطقة العديد من الأودية الخصبة مثل وادي بيشة ووادي يبه، مما يعزز من روعة المناظر الطبيعية ويوفر فرصًا للاستكشاف والاستمتاع بالطبيعة الخلابة.

المناخ في منطقة عسير

منطقة العسير في المملكة العربية السعودية تتميز بتضاريس متنوعة، مما يؤدي إلى تباين في مناخها. بشكل عام، يمتاز مناخها بالاعتدال حيث تتراوح درجات الحرارة فيها بين 18 و 20 درجة مئوية. تشهد المناطق الجبلية هطول الأمطار على مدار السنة، وتكون الزخات الغزيرة خلال فصلي الربيع والصيف، بينما يكون الشتاء بارداً بشكل ملحوظ مع انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير، وقد تشهد بعض الجبال مثل جبال أبها والسودة والنماص تساقط الثلوج. تتراوح درجات الحرارة في المناطق الجبلية خلال فصل الشتاء بين 5 و 10 درجات تحت الصفر. كما تزداد نسبة الرطوبة خلال شهور ديسمبر ويناير وفبراير.

الحياة الثقافية في منطقة عسير

سكان منطقة عسير يحملون تراثاً غنياً وعميقاً يمتد عبر الزمن. فبفضل انعزالها الجغرافي عن المناطق الأخرى، استمرت ثقافتهم في البقاء على مدى قرون طويلة، محتفظة بأصالتها وتراثها. ومن أبرز مظاهر هذه الثقافة المحلية، تزيين رجال القبائل بأكاليل الزهور، وهو تقليد يعود لأكثر من 2000 عام، حيث يُعتبر تلك الزهور جزءاً لا يتجزأ من تراثهم الجمالي والثقافي. وليس فقط هذا، بل يعتقد بعض الناس أن للزهور خصائص طبية مميزة.

ونظراً لأهمية الزهور في حياة سكان المنطقة، فإن أسواق الزهور تعج بالحيوية والنشاط والألوان، حيث يتم زراعة مئات الأنواع المختلفة من الزهور الجميلة وتحضيرها وبيعها. وفي الآونة الأخيرة، بدأت وزارة الثقافة السعودية في استضافة مهرجان فلورمان السنوي، وذلك بهدف تسليط الضوء على الثقافة الرائعة لمحافظة عسير. بالنسبة لأهالي عسير، فهم يتميزون بحيوية ونشاط فريد، ويستمتعون بتزيين منازلهم بألوان زاهية وغنية، ويمكن العثور على أمثلة رائعة لهذه المنازل الملونة في أماكن مثل قرية رجال ألما.

الاماكن السياحية في عسير

مدينة أبها

في مدينة أبها، تتواجد جواهر ثقافية وتراثية تجعلها وجهة مثيرة للاستكشاف والاستمتاع. يشكل سوق الثلاثاء الشعبي معلماً بارزاً في هذه المدينة، إذ يعتبر واحداً من أكبر الأسواق المفتوحة طوال أيام الأسبوع. يزدحم السوق بالنشاطات التجارية، خصوصاً يوم الثلاثاء الذي يعتبر ذروة النشاط، ومن هنا جاءت تسميته. يتميز السوق بتنوعه الثري من المنتجات التراثية والتقليدية المحلية، التي تعكس طابع المنطقة وتاريخها الغني. يحظى السوق بشعبية واسعة بفضل موقعه الاستراتيجي بالقرب من قرية المفتاحة، مما يجذب العديد من السياح والزوار الذين يرغبون في اكتشاف جمال المنطقة وتراثها.

قصر شدا

بالقرب من هذا السوق الشعبي، يتواجد قصر شدا، الذي يمثل رمزاً للتراث القديم في المنطقة. يعود بناء هذا القصر إلى ما قبل 82 عاماً، ويضم متحفاً يعرض القطع الأثرية الخاصة بالمنطقة، مما يجعله وجهة هامة للزوار الراغبين في فهم تاريخ وثقافة عسير.

قرية المفتاحة

قرية المفتاحة، تعتبر مركزاً ثقافياً متميزاً في أبها، حيث توفر بيئة ملهمة للفنون والثقافة. تضم القرية صالة للفنون التشكيلية ومسرحاً خاصاً، إضافة إلى عدة قاعات تجتمع فيها النخبة من الفنانين التشكيليين. كما تستضيف القرية العديد من الفعاليات الثقافية مثل العروض الموسيقية والأمسيات الشعرية والمعارض الفنية، مما يجعلها وجهة مميزة لمحبي الفن والثقافة.

جبل ناصر

يقع جبل ناصر على بعد حوالي 2 كيلومتر من مدينة النماص، ويتمتع ب إطلالتين ساحرتين؛ إحداهما تطل على تهامة والأخرى على مدينة النماص نفسها. يُعتبر هذا الجبل واحدًا من أهم المنتزهات الطبيعية المفتوحة في المنطقة، حيث يوفر مساحات واسعة مليئة بالجلسات الهادئة ومناطق اللعب الممتعة للأطفال. تبلغ مساحته حوالي 75 ألف متر مربع، ويتميز بمناظر طبيعية ساحرة ومريحة للعين، مع توفر الخدمات المتنوعة التي تلبي احتياجات الزوار وتجعل الزيارة ممتعة لكافة أفراد العائلة.

منتزه جبل مرير

منتزه جبل مرير يوجد أيضًا في مدينة النماص، ويتميز بأشجاره الكثيفة التي تجعله موطنًا مثاليًا للاستمتاع بجمال الطبيعة والهروب من صخب الحياة اليومية. يعتبر هذا المنتزه مناسبًا للشباب ومحبي المغامرات، حيث يمكنهم استكشاف المنطقة والاستمتاع برحلاتها السياحية بشكل فريد.

منتزه المحفار

منتزه المحفار، يعتبر واحدًا من أجمل المنتزهات في منطقة تهامة، حيث يتميز بمناظره الطبيعية الخلابة وكثافة أشجار العرعر. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي على منتجع مميز يضم صالة للأفراح وشقق وغرف لقضاء إجازة ممتعة ومريحة. يُمكن الوصول إلى المنتزه بسهولة عن طريق معبد مريح وآمن.

شغف ذا العين

شعف ذا العين، يعتبر موقعًا مثاليًا للرحلات البرية غرب مدينة النماص، حيث تزدهر الأشجار والأعشاب خاصةً في فصل الشتاء، مما يجعلها واحدة من أفضل الوجهات للاستمتاع بالطبيعة في منطقة تهامة.

منتزه الشرف

منتزه الشرف يعد واحدًا من أماكن الطبيعة الخلابة حيث يتميز بمناظره الطبيعية الخلابة وتنوع النباتات فيه، حيث يمتد مع تلاله وجباله الضخمة، وتتخللها أشجار العرعر والطلح التي تضفي جمالًا خاصًا على المكان. يُعتبر من أفضل الوجهات لرحلات السفاري، حيث يمتد على مساحة تقدر بحوالي 1.5 مليون متر مربع، ويمكن الوصول إليه بسهولة عبر المعبد المحيط به.

جبل الصفحة

جبل الصفحة يعتبر ملاذًا لعشاق الطبيعة الجبلية، حيث يتميز بتشكيلته الجبلية الرائعة وتنوع الأشجار التي تحيط به من كل جانب، و تشتهر بجبالها الشامخة مثل جبل بعطان وجبل عيسى. كما يعد موطنًا لأنواع نادرة من الطيور، مما يجعله وجهة مثالية لعشاق مشاهدة الطيور وتسلق الجبال. تبلغ مساحته حوالي 2.5 كيلومتر مربع، ويعتبر اختيارًا مثاليًا لمن يبحثون عن تجربة فريدة في الطبيعة الجبلية الخلابة.

منتزه عسير الوطني

منتزه عسير الوطني يعتبر واحدًا من أروع المنتزهات الموجودة في المملكة، حيث يمتد هذا المنتزه على مساحة تقارب 450 كيلومتر مربع. يُعتبر هذا المنتزه مثاليًا لقضاء الوقت في أحضان الطبيعة، فهو يضم غابات مورقة تعج بأنواع متعددة من الأشجار، ويتميز بمناظر طبيعية خلابة تجعله ملاذًا مثاليًا لرحلات التخييم والاسترخاء.

منتزه الامير سلطان

منتزه الأمير سلطان يعد وجهة مثالية خلال فصل الصيف، فهو يتمتع بمناظر طبيعية خلابة ومناخ معتدل يجذب الزوار. يضم هذا المنتزه أشجارًا مثل العرعر والعتم، وتكوينات صخرية متنوعة، بالإضافة إلى مرافق متعددة مثل مطاعم ودورات مياه، وتوفير مساحات شاسعة للاستمتاع بالطبيعة.

قرية المقر السياحية

قرية المقر السياحية تبرز كوجهة سياحية رائعة تجمع بين الطبيعة والتراث، حيث تضم متاحف تراثية رائعة ومعالم مثل القصر التراثي الذي يُعد من بين أجمل القصور في العالم. تتوفر في هذه القرية حدائق معلقة وشقق سكنية ومطاعم، بالإضافة إلى حديقة حيوان صغيرة تضفي جوًا عائليًا ممتعًا.

قرية رجال ألمع

قرية رجال ألمع تمثل قرية تراثية تتميز بطراز معماري فريد، حيث تضم بنايات تراثية تعكس تاريخ المنطقة. كما تحتوي هذه القرية على متحف يعرض المقتنيات التراثية، مما يجعلها وجهة مثالية للاستمتاع بالتراث واكتشاف تاريخ المنطقة.

منتزه الحبلة

منتزه الحبلة، فهو وجهة سياحية رائعة تتميز بإطلالة ساحرة على الوادي، حيث يمكن للزوار ركوب عربات التلفريك للاستمتاع بمناظر طبيعية مذهلة لمنطقة عسير من الأعلى. كما يضم المنتزه ألعابًا للأطفال ومطعمًا، مما يجعله مكانًا مثاليًا لقضاء يوم ممتع ومليء بالمغامرات.